الدكتور سلمان بن جبر آل ثاني
22-نوفمبر-2021
مركز قطر لعلوم الفضاء والفلك: سلمان بن جبر آل ثاني
في سياق بحثها عن الحياة على الكواكب النجمية التي تدور حول نجوم أخرى في مجرتنا درب التبانة، فقد اجرت وكالة الفضاء الامريكية ناسا حديثا تجربة جديدة ذات تقنية متقدمة للبحث عن الحياة المتوقعة على هذه الكواكب السيارة وصفت بالناجحة وقدمت معلومات مبشرة في هذا المجال. ففي الثامن من شهر نوفمبر 2021 الحالي، أطلقت وكالة الفضاء الامريكية صاروخا من طراز Black Brant IX ضمن مهمة جديدة أطلق عليها SISTINE-2 يحمل جهاز طيفي مخصص لتحليل الضوء الموجود بين النجم والكوكب النجمي الذي يدور حوله، ووصل على ارتفاع 257 كيلومترا عن سطح الأرض، ثم عاد من جديد وهبط بالمظلة (باراشوت) في منطقة وايت ساندز White Sands. هدفت ناسا من إطلاق الصاروخ المحمل بالأجهزة الحديثة لدراسة عمق أحد النجوم القريبة لمعرفة كيفية تأثير ضوء النجوم على الأغلفة الجوية للكواكب الخارجية Exoplanets التي تدور حولها، وهي معلومات أساسية في البحث عن الحياة خارج نظامنا الشمسي. وأجريت هذه التجارب على النجم الشعرى الشامية Procyon A ألمع نجم في كوكبة الكلب الأصغر Canis Minor
لكن السؤال يبقى كما هو: كيف يؤثر ضوء النجم على علامات الحياة المحتملة على الكواكب التي تدور حوله؟
يحتار العلماء في الإجابة على السؤال حول ما إذا كانت الحياة موجودة في مكان آخر من الكون خارج المجموعة الشمسية حيث تكتنفها تحديات تقنية، إذ إنه لا يمكننا حتى الآن السفر إلى الكواكب التي تدور حول نجوم أخرى، والتي تسمى الكواكب الخارجية (النجمية) Exoplanets لدراستها عن قرب، كما أن تلسكوباتنا ليست قوية بما يكفي لرؤية أسطحها. وبدلاً من ذلك، ينظر علماء الفلك إلى الغلاف الجوي لكوكب خارج المجموعة الشمسية ويبحثون عنه من أجل العثور على آثار للمواد الكيميائية المرتبطة بالحياة، والتي تنتج عن الماء والميثان والأكسجين والأوزون وما يسمى بالعلامات الحيوية أنماطًا فريدة من الضوء يمكن أن تكتشفها التلسكوبات من بعيد. ولكن لتفسيرها بشكل صحيح، يجب على علماء الفلك دراسة حقيقية للنجم الذي يدور حوله الكوكب. وقال عالم الفيزياء الفلكية في جامعة كولورادو ورئيس الفريق العلمي الذي أجرى هذه البحوث كيفن فرانسKevin France: إن التفاعل بين الغلاف الجوي للكوكب والأشعة فوق البنفسجية في النجم المضيف يحدد الغازات التي تعمل بصفتها كأفضل العلامات الحيوية. هنالك بعض الأطوال الموجية للأشعة فوق البنفسجية على سبيل المثال، يمكن أن تكسر ثاني أكسيد الكربون، وتحرر ذرة أكسجين واحدة لتتحد مع الآخرين وتشكل الأكسجين الجزيئي (المكون من ذرتين من الأكسجين) أو الأوزون (المكون من ثلاث ذرات). يمكن للنجوم التي تلقي ما يكفي من هذا الضوء أن تخلق مؤشرات حيوية غير حقيقية على كواكبها، مما يدفع علماء الفلك البحث في الأماكن الخطأ. يهدف الفريق العلمي إلى تجنب الوقوع في مثل هذا الخطأ من خلال إنشاء دليل للأطوال الموجية التي يصدرها كل نوع من النجوم. هناك العديد من الأنواع المختلفة من النجوم، وليس لدينا حتى الآن صورة كاملة لناتج الضوء أو كيف يتغير بمرور الوقت. باستخدام كتالوج ضوء النجوم، يمكن للعلماء تقدير ما إذا كان المرقم الحيوي المكتشف هو إما علامة محتملة على الحياة أو إشارة خاطئة يتم طبخها بواسطة ضوء النجوم المزعج الذي قد يفسد البحث بدقة.
في رحلتها القادمة سوف ترصد SISTINE-2 مناطق على بعد حوالي 11.5 سنة ضوئية، والنجم الشعرى الشامية Procyon A هو نجم من المرتبة الطيفية F وهو أكبر قليلاً، وأكثر سخونة، وأكثر لمعانا من شمسنا. وعلى الرغم من أنه لا يحتوي على أي كواكب نجمية معروفة، إلا أن دراسته يمكن أن تساعدنا في فهم النجوم من المرتبة الطيفية F وكواكبها الخارجية في جميع أنحاء الكون.