الدكتور سلمان بن جبر آل ثاني
14-يوليو-2022
مركز قطر لعلوم الفضاء والفلك: سلمان بن جبر آل ثاني
في لحظة تاريخية وانعطاف مهم في تاريخ علم الفلك، وفي إنجاز عظيم يسجل للبشرية هذا المستوى العلمي المتطور في تكنولوجيا الفضاء والفيزياء الفلكية، تمكن تلسكوب الفضاء الأمريكي جيمس-ويب James Webb Space Telescope من التقاط صور لأبعد المجرات في الكون لا يمكن رؤيتها بدونه، وهي أيضا أقدم المجرات عمرا ونشات وتطورت قبل حوالي 13 مليار سنة ضوئية، وهي ابعد الأجرام السماوية عن الأرض في الكون العميق. وتلسكوب جيمس-ويب هو خليفة تلسكوب هابل الفضائي الذي أطلق الى الفضاء سنة 1990م أي قبل حوالي 32 عاما، ولكن تلسكوب جيمس-ويب، مع مرآة مطلية بالذهب أكبر بمرتين ونصف من تلسكوب هابل، ولديه القدرة على رؤية أشياء أقل خفوتا بكثير، وسوف يرصد ويخترق السحب الكثيفة من الغبار الكوني التي لم يكن من الممكن اختراقها سابقا بفضل الأشعة تحت الحمراء ممزوجة مع الضوء المرئي. تلسكوب جيمس-ويب الذي بلغت تكلفته حوالي 10 مليار دولار، وأطلق إلى الفضاء قبل 4 شهور فقط، والذي تم طلي مرآته وبعض أجزاؤه بالذهب حتى يقاوم الإشعاع الكوني ويعمل لأطول فترة زمنية ممكنة، أرسل للأرض الدفعة الأولى من الصور التي التقطها بنقاوة عالية وغير مسبوقة لبعض المجرات البعيدة، وحاضنات نجمية عملاقة التي هي عبارة عن مناطق من الغاز الكوني الساخن الذي سيتحول الى نجوم جديدة خلال ملايين السنين القادمة، وسحبا كونية هائلة. ومن مهامه الرئيسية المهمة جدا هي ليست فقط البحث عن الكواكب النجمية Exoplanet التي تدور حول النجوم في مجرة درب التبانة، وإنما أيضا تحليل الغلاف الغازي لهذه الكواكب والكشف عن وجود الماء فيها، تمهيدا للبحث عن الحياة في هذه الكواكب خارج المجموعة الشمسية.
من ضمن الصور التي التقطها تلسكوب جيمس-ويب الفضائي مجموعة من المجرات القديمة وكبيرة السن ضمن عنقود مجري يطلق عليه SMACS 0723 يغطي مساحة في السماء من الأرض تقدر بحجم ذرة غبار فقط، وهي مجرات تبعد عن الأرض مليارات السنين الضوئية، أي أننا نشاهد مجرات عمرها مليارات السنين، وبحسب وكالة ناسا فهذه الصورة الأولى لأعمق صورة بالأشعة تحت الحمراء للكون البعيد حتى الآن. ومن ضمن المهام الرئيسية لتلسكوب جيمس-ويب الفضائي دراسة وتحليل الكواكب السيارة النجمية Exoplanets التي تدور حول النجوم الأخرى، من خلال رصد الماء والميثان وثاني أوكسيد الكربون، وهي العناصر المهمة لنشوء الحياة، والتقط التلسكوب بالفعل صورة للكوكب النجمي WASP-96 b وهو ضمن نوع خاص من الكواكب النجمية تسمى مجموعة كواكب المشتري الحارة hot Jupiter وهي كواكب غازية عملاقة تدور حول النجوم بسرعة عالية تصل الى 3.4 يوما فقط. أوضحت ناسا أن تلسكوب جيمس -ويب الفضائي قد التقط إشارة جيدة على وجود الماء، مع أدلة على السحب والضباب، في الغلاف الجوي المحيط بكوكب غازي عملاق ساخن منتفخ يدور حول نجم بعيد يشبه الشمس، التي تكشف عن وجود جزيئات غاز معينة بناء على انخفاضات طفيفة في سطوع الألوان الدقيقة للضوء، هي الأكثر تفصيلاً من نوعها حتى الآن، مما يدل على قدرة جيمس-ويب غير المسبوقة على تحليل الغلاف الجوي على بعد مئات السنين الضوئية.
ودعونا ننتظر ما سيقدمه من معلومات مذهلة عن الكون العميق والكشف عن المزيد من أسراره في المستقبل القريب إن شاء الله.
وفي النهاية نقول ما أعظم الخالق!!